الإسلام دين ودولة ، وشريعة ومنهاج، ونظام وعمل، إنها بديهية لا يؤيدها واقع التشريع الإلهي فحسب.
ولكن يؤيدها كذلك واقع التاريخ في مسلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخلفائه الراشدين من بعده . وهذه الحقيقة اعترف بها منصفو المستشرقين:
ـ يقول فتزجرالد: " ليس الإسلام دينًا فحسب، ولكنه نظام سياسي أيضًا ".
ـ ويقول نلينو : " لقد أسس محمد في وقت واحد دينًا ودولة، وكانت حدودهما متطابقة طوال حياته ".
ـ ويقول ستروثمان: " الإسلام ظاهرة دينية سياسية، إذ أن مؤسسه كان نبيًّا، وكان سياسيًّا حكيمًا " أو رجل دولة ".
ـ ويقول توماس أرنولد: "كان النبي في نفس الوقت رئيسًا للدين، ورئيسًا للدولة".
ـ ويقول جورج برناردشو: ما أحوج العالم اليوم لرجل كمحمد يحل مشكلاته المختلفة وهو يشرب فنجانا من القهوة.
وقد بدأ المجتمع السياسي ـ أو الدولة ـ حياته الفعلية، وأخذ يؤدي وظائفه، ويحول المبادئ النظرية إلى أعمال بعد أن استكمل حريته وسيادته.
وضم إليه عناصر جديدة، ووجد له وطنا على أثر بَيْعَتَي العقبة بين يدي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ووفود المدينة، وما تلاهما من الهجرة.
والشريعة الغراء السمحة هي التي تقضي ــ أول ما تقضي ــ بتربية الإنسان على قيم وفضائل ثابتة، لا تخضع للأهواء ولا للأزمنة ولا للأمكنة..
وعندما يوجد الإنسان الصالح توجد معه كل أسباب النجاح، وأول قيم بناء الإنسان عبوديته لله (ولله وحده)، وتحريره من كل عبودية لغير الله، فلا يخاف إلا الله ، فينطلق في الكون يعمِّره ولا يخربه، يصلحه ولا يفسده.
حول هذه المعاني السابقة تأتي قصيدة الأديب الدكتور جابر قميحة " الحل الإسلامي "، وفيها يقول:
كتائبُ الحٌــق منها النــور قد بانـــا = والمـســلم الحـــــقُّ لا يعـنــو لِما عــانى
وكيــف تعنــــو لغيــر الله جبــهتــه = وهـْو العــزيز بعــز اللـه مــا هانــــــــــــا
وكيف يعــنو لغير الله من رصــدوا = لله أعــمـــارهم شِيـــباوشبــانــــــــــــــا؟
هــذي الحشــود تعالى الله جمعهـــــا = وليـس ترضى لغيــر الحـــق إذعانــــــــــا
**********
هذىِ الحشــــودُ تعالىَ اللهُ جمَّعهـــــا = على شِعـــارٍ غَـدَا للنصـــــرِ عنوانــــــــــا
نادَوْا " هو الديـــــنُ حَلٌّ لا مثيلَ لــهُ = فزلزلوا مِن بناءِ البغـْـــي أركانــــــــــــــــا
الحلُّ فى الدينِ لا فــــىِ غَيرهِ أبــــدا = شَرعٌ تجلَّى لنــــــا رَوْحـــــا وريحانــــــــا
من سنّةِ المصطفى كانتْ مناهِلُـــــــهُ = وكانَ دستــــورُهُ نـــــــوراً وقُرآنــــــــــــا
بَنَى الحضاراتِ صرحا شامخا أبـــدا = عِلْما وعَـــــدلا وإِنصافــــــا وعِرفانـــــــا
**********
شتَّان بين شعارِ صُنْـــعِ خَالِقنـــــــــا = وبين ما ابتدعـُــوا شتــــــانَ شتــانـــــــــا
فالحكـــمُ لله حـــقٌّ ليس يُنكــــــــــرهُ = إلا جَهولٌ مَضَى فــــىِ الإثمِ خَسرانـــــــــا
مِن عُصبةٍ حُكِّمُوا فينا بِظُلمِهُمُـــــــو = والظلمُ صيَّــرهم صُمَّاً .. وعُمْيــانـــــــــا
قد ضَلَّ سَعْيهمو ، وازدادَ بَغْيهــمــــو = واستمرءُوا النهبَ حِيتانـــــا وغِيلانـــــــا
ستون عاما وهذا الشعبُ فى محـنٍ = ولا سميــــعَ لما قاسى ومـــا عانـــــــــى
ذاقتْ به مِصرُ ذُلا ضاريـــاً نَهِمــــا = ومنْ صِنوفِ الأسى والهــــمِ ألوانـــــــــا
كأنما مِصــــرُ إرْثٌ من جُدودِهِمُـــو = أفضَى لحكامنــــا نَهْبـــــــــا وعدوانــــــا
وقــد يئـــولُ إلى الأبنـــاءِ بَعدهُمـــو = وبعدهــــم لحفيـــــدٍ غُيـــــــِّب الآنـــــــــا
**********
لَهفي على مِصْرَ كانت قِمةً فغــدتْ = فىِ ظِـــــل حُكمهمُو تحتـــــلّ قِيعانـــــــا
لَهفي علــى مِصْرَ كانتْ جنة فغدتْ = من المظالـــــــمِ أشواكــــــا ونيرانــــــــا
لَهفي على مِصْـــرَ والتطبيعُ يخنقها = فأصبحَ الحكــــمُ للتفريـــــط عنوانـــــــــا
للعَم " باما " علينـــا سطوةٌ غلبتْ = إنْ شـــاءَ يأمُرنــــا أو شـــاءَ ينهانـــــــــا
لَهفي على مِصْرَ نامتْ عن ثَعالبهـا = وقد شبعْن وصـــار الشعب جوعانـــــــــا
جوعٌ وفقرٌ وتشريـــــدٌ ومَضيعــــة = وبالطوارئِ حــــق الشعبِ قـــد هَانـــــــا
قد استباحوا من التـزوير أخبثهُ = وقدمـوا الشعـب للأعـداء قربانــا
**********
من أجل هــذا رفعنا رايـــــةً هَتفتْ = الحلُّ فىِ الديــــنِ كىْ نرقــــَى بِدُنْيانــــــا
ما غيرُ إسلامِنـــــا عزٌّ لحاضرنـــا = نفديـــــــه بالدمِّ شريــانــــــا فشريانـــــــا
ما غيــــرُ إسلامنـــا نبنىِ به غَدَنــا = حــتـى يعــيـش بـــه الإنـســـــان إنـسـانـًا
الكاتب: منى ثابت
المصدر: موقع المستشار